في 22 سبتمبر/أيلول 2024، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الميثاق الرقمي العالمي (GDC) كملحق لميثاق المستقبل، وهي وثيقة تتناول مجموعة من المواضيع فيما عدا الفضاء الرقمي، مثل التنمية المستدامة والسلام والأمن الدوليين.
وفيما يتعلق بقضايا حوكمة الإنترنت، فإنه يُعد من التطورات الإيجابية أن أجزاء الميثاق الرقمي العالمي GDC تتوافق مع مواقف المشاركين في نموذج أصحاب المصلحة المتعددين لحوكمة الإنترنت وذلك من خلال تعزيز المبادئ الأساسية. ويشمل ذلك الإقرار بأن "حوكمة الإنترنت يجب أن تظل عالمية ومتعددة الأطراف بطبيعتها" مع المشاركة الكاملة لجميع أصحاب المصلحة وأن الإنترنت "يجب أن يكون مفتوح وعالمي وقابل للتشغيل المتبادل ومستقر وآمن". ويشمل أيضًا دعم منتدى حوكمة الإنترنت (IGF) والإقرار بأن المجتمع التقني هو أحد أصحاب المصلحة المتميزين.
إن التزام ميثاق GDC بتعزيز "التعاون الدولي بين جميع أصحاب المصلحة" لمعالجة مخاطر تجزئة الإنترنت يمكن تفسيره على أنه يتماشى مع الجهود المستمرة التي تبذلها ICANN لضمان شبكة إنترنت عالمية موحدة ومتماسكة من خلال مهمتها للحفاظ على التشغيل المستقر والآمن لأنظمة المعرفات الفريدة للإنترنت. ومن غير الواضح حالياً فيما لو كان مثل هذا التعاون سيتم، أو بأي شكل سيتم. ومع ذلك، فقد ركزت العديد من ورش العمل والجلسات في منتدى حوكمة الإنترنت IGF على تجزئة الإنترنت.
وقد ناقشت ICANN عملية ميثاق GDC والمراجعات التي أجريت عليه في عدة ندوات عبر الويب تم تنظيمها من خلال شبكة قمة WSIS+20 للتواصل الخاصة بها. وفي العام الماضي، قمنا بنشر مدونة رداً على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه المعني بالتكنولوجيا، والتي زعمت أن المجتمع التقني هو جزء من المجتمع المدني. وقد حظيت المدونة بدعم من مركز معلومات شبكة آسيا والمحيط الهادئ (APNIC) والسجل الأمريكي لأرقام الإنترنت (ARIN). والآن أصبح المجتمع التقني معترفًا به رسميًا كجهة معنية متميزة في ميثاق GDC. بالإضافة إلى ذلك، نظّمت ICANN وشاركت في استضافة إحاطات إعلامية لدبلوماسيي الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف، حيث قدّمت رؤى حول عمل الإنترنت، ودور أسماء النطاقات المدوّلة في تطوير فضاء اسم النطاق، وغيرها من الموضوعات ذات الصلة.
وقد شملت عملية ميثاق GDC، التي استمرت ما يقرب من عامين، العديد من الاجتماعات الرسمية والمشاورات غير الرسمية. وعلى الرغم من جهود الميسّرين المشاركين لإشراك أصحاب المصلحة المتنوعين، إلا أن قواعد الإجراءات الخاصة بالجمعية العامة للأمم المتحدة قد عملت وعلى نحو صارم على الحد من هذه المحاولات. ونتيجة لذلك، ضاعت ردود الفعل والتعقيبات القيّمة المقدمة من قبل المنظمات والأفراد البارزين المشاركين في تطوير الإنترنت بسبب غياب التسجيلات أو النصوص المدونة أو حتى محاضر الاجتماعات.
وتم إصدار خمس مراجعات لميثاق GDC، لكن كل منها واجهت اعتراضات من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، مما أدى إلى عقد مناقشات مطولة ومفاوضات جرت خلف الأبواب المغلقة. وبإعادة النظر إلى ما مضى، فقد ألقت عملية GDC الضوء على التقييدات التي فرضت على المفاوضات المتعددة الأطراف في الأمم المتحدة.
ومن الأهمية بمكان أن نتعلم من عملية GDC، وأن نتجنب تكرارها في مراجعة WSIS+20 القادمة، والمقرر عقدها في عام 2025 في الأمم المتحدة. وقد تجد الحكومات أن تعزيز المشاركة الشاملة والهادفة من قبل جميع أصحاب المصلحة في مراجعة WSIS+20 يمكن أن يساعد في وضع وثيقة ختامية تلتقط أفكارًا ووجهات نظر متنوعة، مما يساهم في اتباع نهج أكثر شمولاً وتوازناً لحوكمة الإنترنت.
إن تحقيق المشاركة الهادفة والمتنوعة يتطلب جهدًا استباقياً. وبناءً على الدروس المستقاة من ميثاق GDC، فإن ICANN تحث كافة الكيانات المشاركة في المنظمات الداعمة واللجان الاستشارية التابعة لـمؤسسة ICANN فضلاً عن مجتمع الإنترنت الأوسع نطاقًا، على التعاون مع حكوماتهم الوطنية. ومن خلال تقديم خبراء في هذا المجال للمشاركة كمندوبين في مفاوضات الأمم المتحدة أو على الأقل المساهمة في صياغة المواقف الوطنية بشأن مراجعة WSIS+20، يمكن لأصحاب المصلحة أن يلعبوا دورًا حاسمًا. وستساعد مشاركتهم في ضمان أن تعكس وثيقة نتائج WSIS+20 وجهات نظر متنوعة، وهو أمر ضروري للحفاظ على شبكة إنترنت واحدة عالمية ومتوافقة ومستقرة وآمنة.
وسيواصل فريق مشاركة الحكومات والمنظمات الحكومية الدولية التابع لمؤسسة ICANN التفاعل مع جميع قطاعات مجتمع ICANN، مع العمل بشكل وثيق مع الدبلوماسيين في الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف والعواصم الوطنية لدعم هذا الجهد.